سبب الاصابة بثنائي القطب: بين كتمانه عقليا وأثره نفسيا وعاطفيا

 أسمع كلاما يقال..

"لا تبحثي عن سبب المرض، البحث عنه أشبه بدوامة.. كل شيء مترابط بشكل معدوم ومعقد، أنتِ لن تصلي لشيء.. أحصلي على قليل من الرضا من داخلك، ابلعي المرض وتقبليه كما تبتلعين العلاج وتتقبلين كونك شخصا مريضا"


رغم ذلك..

أجد أنني أبحث.. فأنا أعقد من أن أسير بكبسة زر.. وأعقد من أن أمضي حياتي بجهل متعمد، أريد أن أعرف كيف حدث هذا وكيف كان تسلسل انفلات عقلي...


لكن..

يبدو كل شيء معقدا، ويبدو كل شيء بعيدا عني، أحاول ترجمة الأحداث بعيون بعيدة عن المرض وعن نفسي، كي أشكل رأيا حياديا بعيدا عن أثري.. أريد الوصول للحقيقة بطريقة أو بأخرى..


ثم..

أجد صدمات.. وأجد أشياء صعبة الترجمة إلى حياد، أجد تطرفا في كل شيء.. أحصد غضبا.. وأحصد حزنا..

وكوسيلة دفاع عما أريد، أقول.. "أنا أبحث عن السبب لأدحر شعور ومعتقدات جنون العظمة، أفعل ذلك كي أهزمها لاحقا إن تبادرت لقلبي..."


ثم..

يقال لي.. ركزي على الحاضر بدل النبش في المرض والماضي.. الحاضر من يصنع المستقبل، الحاضر من يريدك معه الآن لا الماضي..


حسنا.. 

لا زلت في مشاعر تعود لسنوات طويلة.. فأين الماضي؟ وأين الحاضر؟

الماضي لا يزال حاضرا في نفسي بشكل متصل، أما عن المستقبل فلا ادري.. أراه مظلما ومجهولا.. خارج السيطرة.. وخارج زمام اموري.. 

المستقبل أصبح مكروها لي، ولا اضمن فيه شيئا...


فأنا

أصبت بصفعة يوم أدركت أنني مريضة، وأصبت بالعجز والضياع يوم علمت أنه علي تقديم تعريف آخر للحياة، بعيدا عن تعريف جنون العظمة وتعريف الذهان والهوس..


ثم.. 

صفعة الاستبصار.. قدمت لي أمرا علي القيام به، أمرا حتميا يأخذني إلى أن اشق طريقا آخر، تحت التعريف الجديد للحياة... 

طريق جديد يمثلني كإنسان.. إنسان ليس بعادي.. ولا بمجنون.. بل إنسان يضعف.. يقوى.. يستمر.. يعلم أشياء... يجهل أشياء.. يحب بعطف... يكره بعنف.. ينتقم بحقد.. يسامح بصفاء...

ويعيش لنفسه في اختبار الحياة دون أن يفقد تعريفه الخاص... كإنسان بشري.. يحمل التناقض داخله بكل أريحية وتعب..

إلا أنني أنبش.. أنبش عن الحقيقة في عقل مضطرب، وأنبش عن التوازن في عاصفة قلب تحرم عني التمييز..


أنا..

وجدت طرف خيط.. طرف خيط أمسك به ما أريد كي أصل رغبتي بقلبي "ماذا حدث حتى انفلت عقلي؟"، ذلك الخيط جعلني أبكي.. أحقد.. أغضب.. ولا أتقبل... فتوقفت في المنتصف.. لأن المرض قبر حياة يتعكر سلامه وسلامي في كل مرة أنبشه فيها...


ثم..

لا أجد إجابة محددة، لست بتلك اللامبالاة كي أنسى ما اعيشه يوميا، ولا تلك المرونة كي أتقبل المرض وأفتح قلبي للإندثار.. الاندثار تحت رحمة ما لا أريد.. 

ولست بذلك الحنان على نفسي، كأن أسمي الأمور كما تسميها أختي والطبيب.. "مرضك هرموني" "أنت تستطيعين" 

أو امكانية تعلم القسوة على الواقع كما تفعل أمي "أنت كسولة فحسب والمرض ليس بذلك السوء" "العلاج يشفيك ويحولك لإنسان أكثر من عادي"...


ثم..

أدرك كنهاية لكل هذا، أن لا شيء بيدي.. غير ردود الفعل.. 

أنا ككائن بشري... جزء منه مخير وجزء منه مسيّر.. أعلم أن الجزء الذي خيرت فيه هو ردود فعلي اتجاه ما تم تسييري فيه..

أنا أضعف من أن اتحكم في كل شيء، وأكثر ضعفا في معرفة كل الخفايا والخبايا التي وراء ما أحاول تفسيره وما أحاول تقديم سبب له..

أنا... أقبل مرضي كجزء مني.. وسأتعامل معه على طريقتي.. التي لن تلغيه ولن تسمح له بالسيطرة الكلية أيضا..

أنا ربما لن أعيش كفتاة عادية لكن أعلم أنني سأترك كلمات لا تسمح لقلبي بالاندثار رغم كل شيء...

 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذي لا يقال عن اضطراب ثنائي القطب

اضطراب ثنائي القطب: والسبب الذي لا يجب أن أبحث عنه