الغرابة

 ثم..

أشعر بالبرد..
أشعر بالوحدة الشديدة..
أشعر أنني اتكلم لغة غير مفهومة، تشترك في الحروف مع عامة الناس، لكن تراكيب كلماتي تبدو مبهمة جدا، لعقل عادي عام.. لم يعش.. لم ينظر... ولم يؤمن بالجنون في وقت ما..
أما عن عقلي.. فهو عقل اضطر لتصنيف نفسه خائنا، حتى أصبح مظلما..
وقلبي هو قلب... اضطر لقول كلمة كاذب على نفسه مرارا وتكرارا.. حتى آمن أن كل شيء حوله كذب بما فيه هو.. فمات قهرا وترك الحياة..

ثم..
فعلت ذلك كي أؤمن... أنني لست بتلك الطبيعة العادية للبشر... وبالتالي انا مريضة وبحاجة لعلاج...
فابتلعت أدوية تبعد عني النوبات مؤقتا..
أدوية تزيد وزني.. وتصنفني كشخص منعدم الأهلية في القانون، غائب الإدراك في الطب.. مجنون لعامة الناس..

ثم..
صدمة.. تليها صدمة.. وحسرة.. ترافقها غصة اكتئاب تخنقني..
لكن.. لا أحد يرى.. لأنني التزمت الصمت.. وتحدثت إلى شاشة.. للعودة لعقلي.. والعودة لقلبي..
رغم ذلك لازلت وحيدة.. خاوية.. فارغة.. لا أملك نفسي حتى..

ثم..
تشير الساعة إلى ضيق الوقت، وأنا أشير إلى السماء.. كي لا أشعر أن أفقي ضيق.. ووقتي معدوم..
أشير إلى السماء، أرى جمال لونها.. فينبعث نسيم هادئ إلى وجتناي.. وتلمس زقزقة عصفور أذناي..
فأتذكر أنني على قيد الحياة وقيد التنفس بطريقة ما.. وأحمل أملا أبيضا من الغيوم... يشبه طموحا زائفا متعاليا.. غير موجود.. أحمله كوسيلة نجاة ميتة رأت في الحياة جنون...

ثم..
أقول لقلبي إهدأ.. أنت صادق وعلى قيد الحياة.. وأقول لعقلي أنت جميل وذكي وعلى قيد الحياة أيضا..
أنا على قيد الحياة وأشعر بالدفء رفقة روحي...
أنا واعية.. جميلة.. حاضرة.. وممتنة لله وحياتي وقلبي وعقلي...

ثم..
كل كلمة هي منجل يحصد حزني من قلبي ويلقيه إلى حرف..
كل كلمة هي عزاء.. أحضن بها قلبي.. وأواسي بها ثرثرة عقلي..
كل كلمة هي أنا.. أنا التي أحمل التناقض داخلي... بشكل يربك أي عقل عادي عام.. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذي لا يقال عن اضطراب ثنائي القطب

سبب الاصابة بثنائي القطب: بين كتمانه عقليا وأثره نفسيا وعاطفيا

اضطراب ثنائي القطب: والسبب الذي لا يجب أن أبحث عنه